أحباب الله.. تلك المخلوقات الصغيرة هي أقرب الناس إلى قلبي على وجة الأرض.. لا يفكرون في أي شيء غير اللعب والحلوى.. لا يوجد شيء يشغل بالهم .. لا هموم ولا مشاكل ولا صراعات .. طيبون إلى أقصى حد والصراحة هي أهم سماتهم .. أنجذب لشقاوتهم وأحب مرحهم وأعشق سكونهم.. أحيانا يجعلونني أخرج عن شعوري ببعض مواقفهم المستفزة ولكنهم يعيدون إلى هدوئي في لحظة عندما ينظرون إليّ بكل براءة الدنيا ويقولون بصوت ملائكي وبإحساس بالذنب لا يدوم طويلا: انا أسف
عادة في التجمعات العائلية أذهب لأجلس معهم فأنا كثيرا ما امل من أحاديث الكبار.. وفي مترو الأنفاق الذي أركبة بشكل يومي وأقضي فيه وقت طويل ، احب مجالسة الاطفال والحديث معهم .. احكي لهم عن احلامي واسألهم عن أحلامهم ،يحكون لي عن مدارسهم وأحكي لهم عن عملي .. ونتحدث عن الكارتون وألعاب الحاسوب الذين يفوزون فيها بجدارة دائما... سألني أحدهم مرة عن مستواي في العب على الحاسوب فقلت له وبكل فخر "دايما الكمبيوتر هو اللي بيغلب " فقال لي ليطمأنني " حتغلبية بس العبي العاب سهلة عليكي
أشد ما كان يؤلمني هو رؤية الطفل المعاق او العاجز.. ما زالت اذكر حتى الآن ذلك الطفل الذي خلق في الظلام من يوم مولده.. طفل أعمى .. أذكر كيف كان يمسك برأسة ويهزها بقوة وكيف يتحسس الجدران بيده ثم يدقها دقا ويصرخ بكل غضب وكأن ذلك هو الحل ليخرجة من هذا الظلام.. وأذكر أيضا ذلك الطفل الذي خلق محروما من نعمة الكلام .. كان وجهه صبوح وجميل .. وبالرغم من أننا لم نتبادل مع بعضنا البعض أي كلمة بسبب عجزة إلا اننا قضينا مع بعضنا وقتا ممتعا علمته فيها بعض من ألعابي وهو أيضا علمني بعض من ألعابه
مواقف الأطفال الصغار معنا لا تنتهي .. ورغم سذاجتها إلا أنني أراها مهمة لكسر جمود الحياة وتهوين صعوبتها.. وكثيرا ما كنت أعيش هذه المواقف في لحظة تعب فأنسى سريعا تعبي أو تأتي لي في لحظة ملل فتجدد لي حياتي.. دعونا نرى بعض من هذه المواقف التي شهدتها بنفسي أو رواها لي احدهم
كاظم والحنتور
كان يبكي لأن إصبعة يؤلمه .. فهدأت من روعه وتجاذبت معه أطراف الحديث ونحن نتحدث قلت له: إيه الحاجات اللي أنت بتحب تعملها
فقال لي : بحب أسمع أغاني على الكمبيوتر
أنا : بجد وبتحب تسمع مين؟
هو: كاظم الساهر
أنا: ياااااه.. أنت شكلك ولد جامد.. وإيه اكتر أغنية أنت بتحبها ليه؟
قال لي وهو يرقص: أركب الحنتور وانتحتر .. تراترا وانتحتر
زبال يا ماما زبال
يجلس على قدم امه ولد صغير يبدو عليه الشقاوة.. فداعبتة إحدى السيدات وقالت له: أنت نفسك لما تكبر تكون ايه يا حبيبي؟
فردت أمه بإستياء : نفسه يطلع زبال
فنظرت إليه السيده بإستغراب : انت عاوز تطلع زبال
فقال لها بكل ثقة : أيوة
قالت: طيب ليه؟
قال : علشان اجيب موبايل
علشان خاطر ستو
محمد صديقي .. ولد خجول جدا وبطيء في كل تصرفاتة كالسلحفاة.. قابلت إحدى معارفة بالصدفة وسألت عنه فحكت لي إحدى نوادرة قائلة : إمبارح جدتة بعتتة علشان يشتري ليها حمص شام... غاب الواد تلات ساعات والراجل ماكنش بعيد للدرجة دي ولما رجع جدتة بتسألة: إتاخرت ليه يا محمد ده كله
محمد: لما روحت يا ستو الحمص كان خلص والراجل كان لسه بيسوي حمص تاني فقعدت استنيت لحد لما إستوى وإشتريت ليكي الحمص اللي أنت عاوزاه
أولى تالت
تحكي لي إبنه عمتي التي تعمل بالتدريس عن مغامراتها ومغامرات أصدقائها مع الأطفال الصغار خصوصا اطفال الحضانة وأولى إبتدائي ومن المواقف التي حكتها لي : كنت واقفة في طابور الصبح وعمالة أقول سنة أولى تدخل الطابور... بس كان في ولد صغير واقف مكانة مش بيتحرك فسألته: مدخلتش الطابور لي يا حبيبي.. مش أنا بقول سنة اولى تدخل في الطابور
فرد عليها : أنا مش سنة أولى يا "ميس".. أنا أولى تالت
إنتي كورة
سلمى تبلغ من العمر خمس سنوات ولكنها بنت "ستوتة وناصحة جدا"... وأنس في الصف الاول الإبتدائي ولد طيب أوي وبيحب اللعب جدا.. سلمى كانت بتحب أنس وقررت لما تكبر تتجوز أنس وأنس وافق وكان بيحب يقضي وقتة مع سلمى وفي يوم سلمى قالت لأنس : قولي كلام حلو يا أنس
أنس مرتبكا : سلمى أنت.. أنت
سلمى : أيوة.. أنا إيه
أنس : سلمى أنت كورة
أنس كان يعشق الكرة .. لذلك كان يغازل حبيبتة سلمى بالشيء الذي يعشقة