كان يتسلل ببطء شديد.. ينتشر في كل جزء من أجزاء جسدها... في كل خلية وكل قطرة دم... في كل شريان... يختلط بأنفاسها الداخلة ولكنه لا يغادر مع تلك التي تخرج
كانت تشعر به ولكنها لم تبالي.. فهي أقوى منه.. دائما ما تتنصر عليه.. سييأس منها.. سيذهب بعيدًا عنها.. سيبحث عن آخرين غيرها.. آخرين ممن يألفونه ويألفهم.. كل ما تعرفه أنها ليست من هؤلاء
ولكن.. ما الذي أتى بها إلى هنا؟.. وما هذا الظلام الذي يحيط بها؟.. لماذا تسير من ذلك الطريق؟.. نهايته لا تروق لها.. تحاول العودة ولكن يبدو وكأنها قد ضلت طريقها... ركضت على غير هدى حتى اختنقت أنفاسها... وتسارعت نبضات قلبها.. وشعرت بقوتها تضعف وتتلاشى
جثت على ركبتيها وهي تشعر بأن هناك من يقبض على قلبها ويعتصره عصرا... أغمضت عينيها للحظات.. فتتدفق شلال أسود من الذكريات في عقلها .. تساءلت ما كل هذه الذكريات؟.. متى عادت؟ .. ألم تمحها من قبل .. ألم تطوها بعيدا في مكان مهمل .. لماذا ومتى عادت؟؟؟
شعرت بالغضب وأحست بقيود الذكريات على جسدها تشتد وتشتد وهي لا تقوى على أي شيء صرخت بما تبقى لها من قوة : إبتعدوا عني ولكن الصرخة لم تتجاوز حلقها
سقطت أرضا .. بكت بشده... فرغم كل ما فعلت.. ورغم كل ما شيدت من حصون.. انهزمت.. وأصبحت أسيرة للحظة من تلك اللحظات التي تمقتها.. لحظة انهيار