R@M@
يا بلادي يا بلادي أنا بحبك يا بلادي
قولوا لأمي متزعليش.. وحياتى
عندك متعيطيش
قولولها معلش يا أمي.. أموت
أموت وبلدنا تعيش
أمانة تبوسولى إيداها.. وتسلمولى
على بلادي
انتهت الأم من تلاوة أذكار الصباح ثم تلت في خشوع القرآن الكريم ودموعها
تنهمر رغما عنها.. فهي تفتقد وليدها الوحيد الذي راح شهيدا وهو في العشرينات من
عمره في أحداث دامية وقت ثورة الخامس والعشرين من يناير الحالي.
مدينة السويس الشرارة الأولى لثورة ال25 من يناير حيث عاد من جديد شبح المقاومة الشعبية ولكن بعد أن قام أهالي
تلك المدينة بمقاومة باسلة ضد الاحتلال الإسرائيلي أصبح هذه المرة ضد الشرطة
المصرية.
الشرطة المصرية التي أصبحت تمارس قهر غير عادي على أبناء هذا الشعب بكل
طوائفه، وتهدر كرامته بكل كبرياء وغرور، وتجعل شعار لم يكتب ولكنه حقيقي وينفذ في
السنوات الأخيرة وهي المواطن في خدمة الشرطة وليست الشرطة والمواطن في خدمة الوطن
فهناك أمام قسم الأربعين.. عادت المقاومة الشعبية الباسلة ضد الشرطة وهناك
تلقى ابنها رصاصة دامية في قلبه بأيدي
شرطي غادر من القناصة، فعلها وكأنه يقتل عدو له بدم بارد متحجر، رشقها في قلبه دون
حتى أن يفكر في قدمه أو يديه حتى لا يرديه قتيلا ويتخلص من حياته في لحظة لم تمثل
له أي شيء.
حينها شعرت الأم بها في قلبها قبل أن تستقر في قلب ابنها الشهيد ويلفظ
أنفاسه الأخيرة إلى حيث جنة ربه.
جاء من ورائها صوت رجل كبير في أواخر الخمسينات: هل انتهيت يا حاجة فاطمة؟
قالت بصوت مختنق من العبرات : صدق الله العظيم ثم نظرت إليه وقالت في صوت
باكي: هل سنذهب الآن ؟
أقترب منها ونظر في وجهها ثم قام بمسح الدموع من على خديها قائلا: لا بد أن
نتحرك الآن حتى نلحق المحاكمة منذ بدايتها، فهي في التجمع الخامس كما تعلمين، سفر
طويل ونسأل الله أن يعيننا على هذا الشقاء
ابتسمت الحاجة فاطمة في حزن مرير
قام وهو يربت على كتفها: سأذهب وأحضر حقيبة السفر
تركها والألم يعتصر في قلبه ودخل إلى الحجرة وفاضت الدموع من عينيه رغما
عنه، فهو أيضا يفتقد ولده الوحيد وجلس على السرير يبكي ويبكي بانهيار محاولا ألا
يحدث صوتا قائلا بخفوت: حسبي الله ونعم الوكيل، يتذكر قضاء الله وقوله تعالى "الذين إذا أصابتهم مصيبة
قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" فيحمده على كل شيء ويردد: إنا لله وإنا إليه
راجعون.
يأتي صوت الأم من الخارج : يلا يا حاج .. أنا جاهزة
يمسح دموعه في سرعة فهو يريد أن يكون قويا أمامها قبل أي شيء، يريد أن يقف
بجوارها رغم أنه حزين مثلها أو أكثر منها فلقد فقد ولده الوحيد الذي كان سيحمل
اسمه بعد أن يرحل هو إلى الدار الآخرة ولكن حدث ما لم يكن متوقع ورحل الولد الصغير
قبله، ينظر إلى نفسه في المرآة حتى يتأكد أن وجهه على ما يرام ويخرج وابتسامة تعلو
شفتيه قائلا: هيا بنا
كانت تعلم أنه يعاني مثلها لكنها بادلته الابتسام وذهبت معه دون أن تحادثه
في جسمي نار ورصاص وحديد..
علمك
في ايدي واسمي شهيد
بودع الدنيا وشايفك..
يا
مصر حلوة ولابسة جديد
السيارة 128.. سيارة الأسرة الصغيرة التي كانت تقلهم في رحلاتهم المختلفة..
كانت تقلهم الثلاثة قديما في رحلات المصيف وإلى المستشفى لو مرض أحدهم وكثيرا ما
أخذها ذلك الشاب محمد مع والده ليرو سويا النتيجة.. كان متفوقا، يحصل دائما على أعلى
الدرجات، وتوقع له والده والجميع مستقبل باهر اختفى على يد ذلك الشرطي القاسي
والغادر، قتله دون رحمة ليرضي غروره وكبريائه ونظامه الفاسد الذي كان عبدا عنده.
استقلا الوالدين السيارة وقال الوالد : أتمنى أن تتحمل السيارة رحلة السفر
الطويلة تلك في الذهاب والإياب.. هيا يا فاطمة نردد سويا دعاء السفر
رددا الدعاء بعدها ظل الأب يفكر: ترى هل سيتم التأجيل مرة أخرى؟ لقد سئمت
هذا البطء المزري.. لقد مر على وفاة ولدي شهور عديدة ولم أحصل على حكم واحد يريح
قلبي أو قلب زوجتي.. لماذا يحدث كل هذا؟
أفكار كثيرة ظلت تتصارع وتتصارع
ولم يجد لها جواب واحد يريح قلبه
أم الأم فجلست جواره في شرود وأحداث ذلك اليوم المأساوي لا تغيب عنها، بل
تتذكرها كل يوم، تتذكر وليدها محمد حين انتهت يوم 28 من يناير من صلاة الضحى جاء إليها
وجلس بجوارها وقبل رأسها قائلا: سأنزل مع أبي يا أمي ومع أصدقائي
انقبض قلبها وقالت: أخاف عليك يا ولدي.. الشرطة تقتلكم وكأنكم أعدائها
ابتسم في سخرية قائلا: نعم أعلم .. ادع لنا جميعا بالسلامة يا أمي.. سأعود
لك على خير بإذن الله.. نحن لا نفعل شيء.. فقط نقول سلمية ولا نحمل سلاحا.. نقول "عيش..
حرية.. عدالة اجتماعية".. ثم نظر إليها في هدوء قائلا: ألا تردين أن أنال
الشهادة يا أمي؟
بكت رغما عنها واحتضنته بشده وهي تقول: كلنا نريد ذلك يا ولدي.. من منا لا
يريد جنة ربه، ولكني لا احتمل فراقك.
احتضنها أكثر وهو يقول: سأحرص على أن أعود لك.. أعدك بهذا
أمسكته من وجهه في لهفة وظلت تنظر إليه طويلا دون كلمة.. كانت تشعر أنها لن
ترى ذلك الوجه مرة أخرى وهذه هي آخر لحظة معه ولكنها نفضت هذا كله عنها وقالت له :
في أمان الله يا ولدي.. الله معكم جميعا يا شباب مصر
قبلها على جبينها مرة أخرى فأخذته بشدة في حضنها وانقباض غريب يسيطر
بالكامل عليها وشعور بالاختناق لم تجربه وهي في أشد لحظات المرض .. ونبضات قلبها
تدق في خوف وانقباض
ودعت الأم بكل خوف الزوج والابن وبداخلها تردد دعاء واحد، أعدهما إلي يارب
بكل خير وسلام
الله أكبر .. الله أكبر
أشهد أن لا إله إلا الله
تعالت أصوات الأذان في أرجاء السويس.. جلس محمد بجوار أبيه ووسط أصدقائه
يستمعون إلى الخطبة وكل منهم يفكر فيما سيحدث لهم جميعا بعد الصلاة.. فالشرطة لم
يروا منها ولو ليوم واحد أي شفقة أو رحمة أو حفظ لكرامة هذا الشعب، تتعمد إذلالهم
وإهدار كرامتهم وكأنها أسياد لهم في مصر
قام الإمام للصلاة وأتم محمد الصلاة ورائه في خشوع وكأنها أخر صلاة سيقوم
بها ويلقى ربه بعدها، فهو الآخر كان يشعر أن ساعاته في هذا الدنيا محدودة.
"يا حاجة.. سأشتري بعض
العصائر من هنا وأعود" قالها الوالد وهو يفتح باب السيارة
نظرت إليه في شرود : حسنا.. لا تتأخر
عاد الوالد بعد وقت قصير واستمرت رحلة المعاناة بالنسبة إليهم.. فها هو
صاحب الحق والمجني عليه يسافر ألاف الأميال من أجل حقه وحق ولده الشهيد
وهم في الطريق تظل الأم في شرودها وتعود مرة أخرى إلى ذكرى ذلك اليوم.. يوم
الثامن والعشرين من يناير أو جمعة الغضب كما
أطلق عليها الجميع
يوم.. كانت الساعة فيه بطيئة وهي وحيدة بالمنزل.. وقلبها خائف ومنقبض بشده
الساعة تمر كالسلحفاة
اقترب وقت صلاة العصر
حتى سمعت صوت صراخ في الخارج
فخرجت إلى الشرفة في فزع
ووجدت إحدى الجارات فقالت لها: ما الأمر.. ما الذي حدث ؟
-
لقد قتل مصطفى بن الحاج حسين.. الشرطة قتلته
بكت أم محمد رغما عنها وحالة ضيق التنفس والاختناق تزيد وتزيد وقالت في ضعف:
لا حول ولا قوة إلا بالله
أحست بوجع ثقيل في قلبها ونزلت من البيت حتى تساند جارتها علها تبعد عنها
تلك الوحدة التي تشعر بها.
نزلت للشارع.. والدة الشهيد كانت تبكي بحرقة والجميع يهدئ من روعها ويذكرها
بمنزلة الشهيد
ثم ظهر رجل كبير يشبه زوجها كثيرا، يأتي من أول الشارع ومعه مجموعة من الشباب مصابين
في أماكن مختلفة ولكنهم بدوا جميعا بخير عدا شاب واحد كان محمول على كتف ذلك الرجل..
نظرت الحاجة فاطمة للرجل غير مصدقة.. لا يمكن أن يكون هذا هو ولدها رغم شعورها
بأنه كذلك.. أقترب الرجل أكثر.. فتبين لها أنه بالفعل زوجها
هرعت إليه وهي تقول في فزع وصوت أقرب للصراخ: محمددددددددددددددددد..
بكى الوالد دون كلمة
أخذته منه في هدوء وفزع.. وتمدد أمامها الشاب القتيل على الأرض، ابتسامة
غريبة تعلو وجه وكأنه يرى دنيا أخرى غير الدنيا التي نعيش فيها ولكن أمه رتبت على
وجهه وقالت باكية: محمد.. عد إلي.. ليس الآن يا بني.. لم يكن هذا وعدك لي
أقترب منها أحد الشباب : كان ينقذ زميل لنا عند قسم الأربعين مات هذا
الزميل ثم اقتنصت الشرطة ولدك، ثم.. ثم ثم
فاضت روحه إلى الله
صرخت الأم : لااااااااااااااااااااااااا .. لا يمكن.. اذهبوا به إلى المستشفى..
حاولوا معه
قال الشاب : لقد استشهد كغيره.. المستشفى
قالت أن الرصاصة التي دخلت قلبه قتلته فورا.. هو لم يتعذب كغيره.. وقال في صوت
باكي : حمدا لله
"اه ه ه ه ه ه ه ه .." خرجت الجملة من فمها وهي بجوار زوجها فالتفت
إليها قائلا: ما الأمر؟
ثم أوقف سيارته على جانب الطريق واحتضنها وهو يقول: نسألك الصبر يارب
ومسح دموعها بيده وهو يقول: يا أم
الشهيد سنبكي عمرنا كله على ما حدث لنا.. فالفراق ليس هين.. ولكن علينا التجلد لنكمل الكفاح
تمر الساعات ببطئها المعتاد.. فالأوقات أصحبت حزينة ثقيلة منذ رحيل محمد عن
الدنيا
وتصل السيارة إلى مقر المحاكمة في التجمع
الخامس.. محاكمة الضباط والمخبرين المتهمين بقتل الثوار في مدينة السويس
ووقف أهالي الضباط وأهالي الشهداء في انتظار الحكم
أهالي الشهداء يريدون أن يروا العدل فيما حدث لأبنائهم.. يريدون وبكل بساطة
أن يسمعوا حكم الإعدام
وأهالي الضباط يريدون البراءة مع الاقتناع التام بذلك.. فالشرطة هي حامية
الحمى.. دورها الدفاع عن الشعب وكل ما يحدث ليس له أي أساس من الصحة
تمر الساعات ويأتي الحكم على غير ما توقع أهالي الشهداء، حكمت المحكمة ببراءة
قتلة الثوار بكفالة 10 ألاف جنيه
صمت كبير يغلف المكان وكأن الجميع لا يستوعب ما حدث ثم غضب مهول من أهالي
الشهداء وسؤال واحد يتردد : كيف حدث هذا؟ ولماذا؟
سباب كثير من الحرقة التي في الصدور
يهيئ إليك أن ثورة أخرى ستقوم أمام باب المحكمة تفوق ثورة الغضب المصرية
الأم تنظر حولها في ذهول وبجوارها زوجها.. تسمع أحد أهالي الضباط يتحدث إلى
التلفزيون في نشوة ويقول: هذا هو العدل الذي ننشده.. فأخي لم يكن يوما قاتل بل
يحافظ على أرواح الشعب
تسمع أب شهيد يقول: ابني لم يكن بلطجي .. ابني مات في سبيل مصر
ترى أم أخرى تحمل صورة ولديها المراهق الصغير وتبكي: أنظروا إليه.. هذا طفل
لم يقرر يوما أن يكون بلطجي.. متى قرر أن يكون هكذا كما تقولون؟.. اتقوا الله..
اتقوا الله وبكت دما بدل الدموع
أم أخرى تتحدث إلى تلفزيون آخر : ما يصبرني هو أنني أعلم مكان ولدى.. وبكت
قائلة: الجنة كما أخبرنا ربنا.. وعليهم أن يعلموا أننا سنظل وراء الحق ولن نتركه...
حق ولدي الشهيد لن يضيع
هرج ومرج وأصوات وصراخ وبكاء وعويل وحرقة وذهول، وتقف الأم فجأة وتنظر إلى
زوجها في مرارة قائلة: محمد.. ولدي
ثم تسقط فاقدة الوعي
طايرين ملايكة حوليا طير.. لحظة
فراقك يا حبيبتى غير
هامشى معاهم وهاسيبك.. واشوف
يا مصر وشك بخير
قالوا لي يلا على الجنة.. قلت لهم الجنة بلادي
وجدت فاطمة نفسها في مكان جميل يعجز اللسان عن وصفة
لم يعد هناك اختناق أو ضيق في التنفس أو امتعاض أو حسرة أو حتى ندم واستياء
أو كل هذه المشاعر السلبية التي تنتابها من وقت لأخر.. بل راحة غريبة في قلبها.. لم يعد هناك انقباض بل شعور بالفرح
تحركت قليلا في المكان حتى وجدت شباب حلو المظهر تبدو راحة شديدة على
وجهوهم وكأنهم لا يحملون أي هم كالتي يحملها الشباب في الدنيا
ابتسمت لهم وبادلوها الابتسام وتحركت في خفة غريبة وكأن هذا المكان كان
معدا لها رغم أنه جديدا عليها.. اختفت حتى
كل ألام جسدها وقدمها
تحركت حتى وجدت أريكة جميلة يجلس عليها بعض الشباب ومن بينهم وجدت أخر وجه
كانت تتصور رؤيته ، قالت بدهشة: هل هذا أنت يا محمد؟
نعم يا أمي.. هو أنا
كم تبدو جميلا يا ولدي.. لم أرك هكذا من قبل وهذا، هذا المكان.. كم هو رائع.. سبحانك ربي
أنا لم أمت يا أمي
كيف يا ولدي وأنا....
قاطعها قائلا : "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء
عند ربهم يرزقون".. أنا شهيد يا أمي.. أعيش في جنه ربي، هكذا وعدنا الله في
كتابة الكريم.. أعيش في رضاء وسعادة، لم أعد أحمل هم الدنيا كما كنت من قبل... أنا
وهؤلاء الشباب.. ألا يبدو ذلك على وجوهنا
اقتربت من ولدها واحتضنته بشدة وهي تقول : سبحانك ربي.. كم نفتقدك يا بني
أنا أيضا يا أمي ولكني بانتظاركما حين يحين موعد اللقاء.
أتمنى أن يكون قريبا.. لقد وحشتني كثيرا
إذن من سيكمل الدفاع عن حقي وعن حق كل شهيد بعد رحيلنا يا أمي
قالت بدون تفكير: بالطبع نحن يا بني.. من منا سيظل وراء الحق حتى يظهر
إذن أكملي المسيرة أنت وغيرك من شعب مصر يا أمي.. أمانة عليك لا تتركوا
حقنا
وبنفس السرعة قالت الحاجة فاطمة : سأفعل يا ابني ..
وابلغي أبي السلام .. أحبك يا أمي .. أحبك
أحبك
أحبك
أحب
أح
وظل الصوت يختفي ويبعد والمكان يضيع ومحمد يتحول في لحظة إلى سراب حتى الشباب
لم يعد لهم وجود واختفى المكان كله ووجدت فاطمة نفسها تقول فجأة : محمد .. محمد..
أين أنت؟ .. محمددددددددددددددد
رتبت على كتفها يد رقيقة قائلة: لقد استعادت وعيها.. كانت تلك اليد للممرضة
بالمستشفى واستطردت: سأذهب واستدعي الطبيب
اقترب منها الأب في لهفة : هل أنت بخير؟
قالت في دهشة: أين أنا ؟
في المستشفى.. لقد أقلقتني عليك؟
نظرت إليه وهي تبتسم وقالت : لقد رأيته.. كان
جميل للغاية
الأب : من؟
رأيت محمد ومعه أشخاص آخرين.. كان في مكان جميل.. حتى أنني أعجز عن وصفه.. للحظات
تظن أنك في الجنة أو هو هكذا بالفعل.. كان كل تركيزي عليه هو.. محمد ولدي.. كان
أجمل بكثير مما كان في دنيانا تلك.. اختفت كل ألامي حينما كنت هناك.. لم يعد هناك
اختناق أو حسرة أو ندم وكأنها رسالة وصلت إلي من الله..
قال الأب في فرح: ما شاء الله.. وماذا رأيت في تلك الرؤية؟
فاطمة: لا أذكر تفاصيل كثيرة ولكن
محمد طلب مني أن نكمل الكفاح وأرسل لك يا زوجي السلام.. هو يفتقدنا كثيرا.. ولقد
أخذت قراري لا بد أن نكمل ما بدأه هؤلاء الشباب.. لابد يا زوجي العزيز
تخرج الأم بعد استعادة الوعي بساعات قليلة وتعود مع زوجها إلى السويس وهم
مصريين أكثر من ذي قبل على إكمال الكفاح، تزور قبر وليدها، تدعو له وتقرأ القرءان
ثم تقول: لقد وصلت رسالتك يا بني سنكمل الكفاح.. لا تقلق
وتشارك هي وأبيه في المظاهرات بمدينة السويس بعد هذا الحكم الجائر وتشارك
في الاعتصام مع باقي أهالي الشهداء وتهتف بأعلى صوت لديها مع الجميع: يا شهيد..
نام وارتاح وإحنا نكمل الكفاح
يا شهيد نام وارتاح... وإحنا نكمل
الكفاح
وتنهمر الدموع أنهارا ولا تتوقف لحظة من أعين أم الشهيد
يا بلادي يا بلادي أنا بحبك يا بلادي
قولوا لأمي متزعليش.. وحياتى
عندك متعيطيش
قولولها معلش يا أمي.. أموت
أموت وبلدنا تعيش
أمانة تبوسولى إيداها.. وتسلمولى
على بلادي